السبت، 18 أبريل 2009

من هو الغريب؟

اليوم السابع

من هو الغريب؟
السبت، 18 أبريل 2009 - 10:52

أسماء صباح تكتب:


كان طفلاً بريئاً يومها, غادر أرض الوطن على متن طائرة الغربة, وصل بلاداً لم يعرف سماها, اشتم هواءً غريباً عن رئتيه, أناس أغراب فى كل مكان, لم يعرف إن كان هو الغريب بينهم.
بلاد أشجارها باسقة, أزهارها كثيرة, أخضرها غير الأخضر الذى اعتاده, بلاد طعامها مختلف, بهاراتها بين الحار والحار الكثير, رائحة الناس غريبة, لا تشبه رائحة الأهل والأحباب.
وصل غرفته بالفندق الصغير, جلس على السرير, فتح حقيبة السفر, كان يفتش بقلبه عن شىء يعيده إلى ماضيه, الماضى المقترن بالبارحة, أخرج ألبوماً غنائياً, صارت فيروز تشدو ( وطنى يا جبل الغيم الأزرق), سرح بالكلمات ومعها, تمنى ساعتها كما تقول فيروز أن يكون حجراً, أو سوسنة ملتصقة بالأرض, متعلقة بها
.أفكار غريبة صارت تراوده وأسئلة لم يتمكن من الإجابة عليها, فكر بأنه لم يحب وطنه يوماً, عندما كان الوطن مادة على ترابه يسير.
كان غريباً فى وطن ولد وترعرع فيه, قال فى نفسه لماذا يكون الوطن عادياً جداً عندما نسكنه، كله مشاكل وألم وأحلام تقف دوماً فى مهب الريح وغالبا ما تذهب معها؟ ويصبح حلماً بعد حين.عندما نغادر سماء الوطن نحنّ إليها, نتخيل النجمات, والقمر هلالاً و بدراً فى السماء الصيفية الجميلة, عندما نغادر تراب الوطن نحنّ لرائحته, للون التراب, نحنّ إلى زهرة كانت تقيم فى حديقتنا مذ كنا صغاراً, نرعاها, نراها تكبر وتكبر.
عن الوطن نذكر تفاصيل صغيرة ما كانت تعنى لنا شيئاً, نشتاق لصديق قديم كنا نحتسى معه الشاى وقت المطر, إلى جانب المدفأة, نراقب حبات المطر التى تتساقط لتكمل سيمفونية يعزفها المذياع, الموسيقى تغلف المكان, والبرد يشعرنا بحيوية وأمل.
وأنا تساءلت, بين هذا وذاك, إذا ما كان الوطن فكرة، وإذا ما كانت الغربة فكرة، وإذا ما كان الحب مثلهما، هل الغربة مقترنة بترك الوطن والاستقرار خارجه؟ هل تأتى الغربة من داخلنا؟ هل نصنعها بأنفسنا؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق