الأحد، 24 مايو 2009

سأسرق قبلة منها


فيها ولدت, و أول شعاع شمس رأته عيناي كان هناك في سماها, أعشقها دون أن أسكنها, يكفي أنها احتضنتني طفلة بين ذراعيها.

اشتاق للحظات ولاتي الاولى, للنفس الاول الذي دخل رئتاي, أتعرف كيف بدت منذ اللقاء الاول, كانت جميلة الوجه باسمة, حمر و جنتاها, اسود كسواد الليل شعرها, بيضاء البشرة سوداء العينين.

تغزل شعرها مع الشروق, بثوب مطرز من العشق تتزين, و على يداها اساور من فضة هدية من نابلس جبل النار, على عنقها الصامد هناك ماسة تلمع من فرط الحب لها.

في القدس و لدت, و على ترابها تمرغت, حملت من زيتونها حبات بقيت معي لأجل ذاكرة حية, رحلت و لا ادري كيف رحلت, لا أذكر إن كنت أجبرت, و لكنني في النهاية رحلت, الى مكان لا اعرفه رحلت, في واد سحيق وجدتني, وحيدة بين أشجار الصبار, وأقحوانة كانت تسكن هناك لوحدها.

بكيت كثيرا و لم اعرف السبب, كنت صغيرة وقتها, حديثة ولادة لربما, لم أدرك هول مصيبة أدركتني, و لكنني بكيت وقتها.

كبرت و ما كبرت هي, بقي سواد الليل في شعرها, و القبلات طرية على خدها, و الاطفال ما زالو بالساحات يلعبون وكأن شيء في ذكرتهم لم يكون.

و انا بقيت معلقة هناك في هواها, تراني و اراها, أود أن أضمها, ارتشف قبلة من جبينها او حتى يديها, يمنعني جلادوها, ارجوهم ان يسمحو لي بنفس من هواها, ليعيد لي ذكرى مضت قديما, يبقى الرفض قائما, لا احتمل بعدها, و لكنني سأظل واقفة في رباها, ساسترق النظر اليها, و عندما يغيب الجلاد سأطبع قبلة على جبينها

2009-05-24

الجمعة، 22 مايو 2009

أقحوانة برية

عادت الى بلادها بعد غياب..ايامها الاولى كانت صعبة.. ولكنها ما لبثت أن تعودت الفكرة..تعودت الماء والهواء وطريقة الكلام وتغيير النظام..
فراش جديد وصباحات غير تلك التي ولدت عليها.. شعرت بأنها غابت الف عام.. ألفت الشوارع والمقاهي والمكتبات.. أصبح لها حياة جديدة.. لم تستبدلها بذكرى واحدة من ذكريات ماضيها.. لم يكن ماضيا غاية في الروعة ..لم يكن مثاليا.. كان ماض يشبه كل ماض.. ذكريات مؤلمة.. وأخرى جميلة مفرحة..
تذكر يوم وفاة أمها.. بكت كثيرا يومها.. كأن الزمن توقف لحظتها.. يوم لفظت أمها النفس الاخير.. تشنج جسدها الصغير.. انفجرت عيناها بكاءا.. انهمرت دموعها عاقدة صلحا على اسفل ذقنها.. لم تستطع التوقف.. سخية كمياه نهر جار.. أحيانا تشعر بأنها لم تستفق من ذاك الكابوس بعد..امها كانت صديقة.. رفيقة.. صدر حنون..أقحوانة برية..
تستغرب لماذا أطلقت على والدتها هذا اللقب.. كانت في عمر الثالثة عشرة وقتها.. تتذكر.. حينما تسلقتا الجبل البعيد.. ذات صيف.. جلست بجانب زهرة حمراء جذابة.. أخذت تداعب الزهرة بيدي طفلة.. لم تقطفها.. سألتها والدتها.. الا تريدين الاحتفاظ بها.. قالت: هي أجمل هنا.. تزين هذه القمة.. لن أقتلها..
هذه أقحوانة برية .. تضيف الام.. تقلب الطفلة الاسم في دماغها.. تقول لماذا؟.. تجيب الام لانها تنمو في البراري وقت الربيع.. هل تحبين هذا النوع من الزهر؟ تسأل الطفلة.. الام: نعم ومن لا يحبها.. تقول: أنت أقحوانتي.. لا مثيل لك.. أم وأخت وأب وأخ وأقحوانة أيضا....
وانتي عصفوري الصغير..افرح إذا ما غرد.. أفرح إذا ما طار بعيدا وصار يلوح لي في الافق..تجيب الام..

الأحد، 17 مايو 2009

في القدس ولدت

عندما اذكر يوم مولدي كل عام, تعود بي الذاكرة طفلة صغيرة على احضان والدتها, طبعا لا اذكر يوم ولادتي, لا احد يستطيع ان يذكر يومه الاول في الدنيا.
ولكنني اركض الى شهادة ميلادي لارى مكان ولادتي, لأتذكر أنني ولدت هناك, في القدس ولدت, أتصدقون؟
في القدس تنفست رئتاي أول الاكسجين و كان هواها لذيذ منعش, طبعا افترض ذلك.
في القدس رأت عيناي النور, شعاع خرج من قبة ذهبية ليضيء عيناي بالنور الالهي الابدي, احمد الله على نعمة البصر.
من القدس, اشترت لي أمي أول رداء تلفني به, كان جميلا, مازلت احتفظ به بعدما ارتني اياه.
كنت أحلم بزيارتها متى اشاء, بما انني ولدت هناك, فأنا لست كاي كان, في بطاقتي الشخصية مكتوب, في القدس ولدت, ولكن ولسوء الحظ لم يغفر لي ميلادي هناك, ولا يسمح لي كغيري بزيارتها.
في القدس ولدت, اهناك شرف كهذا, ان تتنفس هواها و ان ترى بعينيها, سعيدة انا بمكان مولدي, ساردد دوما وابدا, في القدس ولدت

السبت، 16 مايو 2009

كأثر الفراشة

على بركة في قصر من قصور الاندلس كانت تتمشى, تنظر الى الافق البعيد, الشمس تكاد تغيب, وهو جالس بالقرب من النافذة المطلة على الحديقة, يراقبها, تقترب من الماء تارة وتشتم الزهور تارة أخرى, على حافة البركة جلست, رفعت ردائها, كشفت عن ساقيها, وهو ظل معلقا على نافذته.

ناداه صوت من الخلف, لم يلتفت, ظل يراقبها, زهرة حمراء في يدها, تسحب منها ورقة ورقة وتلقي بها على سطح الماء, أوراق الزهر الحمراء تذهب بعيدا, كسفينة تحمل ركابا الى ميناء بعيد, لا شيء يوقفها, تواجه أمواجا, تظل صامدة, على أحدى ورقات الزهرة نحلة تتراقص, تشتم الرحيق, تبتعد , تقترب, تعاود الكرة مرات ومرات.

النحلة تراقب الزهرة, وهي تراقب النحلة, وهو يراقبهما, نحلة وأميرة تزين حديقة القصربرقتها, شعرها أسود كثيف طويل مسترسل, عيون ممزوجة بين الاخضر و الازرق, انفها دقيق وفمها لا تكاد تراه, مطلية بالحناء أصابعها, نهضت لتركض خلف فراشة ذهبية مرت من أمامها, لحقها بعينيه, كان لديه هاجس ما, فلو ترك نافذته سيفقدها, لن يراها, لو حاول اللحاق بها ستختفي كفراشة بين الازهار, ستختبيء.

احتار في أمره, اشار للخادم, اذهب لتحدثها, حاول باي شيء ان تشغلها, اريدها ان تظل هناك حتى اصل, تحرك الخادم, التفت يسارا ويمينا, فقدها, بين أغماضة عين رحلت, تركت في نفسه أثرا كأثر الفراشة.

السبت، 9 مايو 2009

تسربت من بين يدي

بعد العشاء الفخم كان اللقاء, على صوت مارى ماريام الرقيق، والذى يأخذك بعيداً إلى أحلام لم ترتسم معالمها فى خيالك بعد, على الشرفة المطلة على حديقة الجيران بطريقة أو بأخرى, جلس ينظم الشعر لها, التقى بورقة وقلم, تبادل ونفسه الأحاديث، تساءل عن الشعر الذى تحب, لم يصل لنتيجة بعد, فتلك الغريبة التى لا يعلم كيف يصفها, لا يعرف ما تحب وتكره, غامضة إلى حد لا يفهمه ويكاد يوصله للجنون.
كتب:
حبيبات رمل على الشاطئ
حبيبات رمل ساخنة
يداى جافتان تماماً
أخذت قبضة من الرمل
احترقت يدى, أصابعى
فتحتها, تسربت حبيبات الرمل
عادت مكانها, ضاعت بين الأخريات
كيف لى أن أعثر عليها الآن
مزق الورقة, قال فى نفسه: هى إذا هكذا, حبة رمل ذهبية لامعة ساخنة, تتسرب هاربة من بين يدى.
تشائم, فكر بطريقة يستطيع من خلالها أن يحصل بها على حبة الرمل تلك لا غيرها, مميزة هى, وتعنى له الكثير, رغم حرارتها, يحبها, تحرق يديه ولكنه يعاود البحث عنها.
تحرك من مكانه, بلل يديه بالماء, قال: هكذا إذن, أطفا الحرارة, وبعدها تلتصق حبة الرمل بيدى, لن تتسرب أبداً هذه المرة, سأظل قابضاً عليها.
تفاءل ثم انطلق إلى أوراقه مرة أخرى, أراد أن ينظم لها شعراً من جديد:
كنجمة فى الأفق لاحت
كحبة رمل على الشاطئ لمعت
كطفلة من بين يدى تسربت, هربت
كصندوق أسرار قلبها أغلقت
مفتاح صندوق الطفلة معى على هيئة نجمة..
ابتسم, أقفل دفتره على سر من أسرارها التى بات يشاركها به, ظل ينتظر الصباح عله يلقاها جالسة على الشاطئ, لينقل لها فرحته العارمة, أصبح فى النهاية يعرفها.

الجمعة، 8 مايو 2009

بقية من كرامة



جو عاصف, رعد و برق وشتاء, على موقف الحافلات صامتة وحيدة تقف, دون مظلة, بردائها الصيفي الخفيف, جيتار تحمله على ظهرها, لا تشعر بالبرد, لا تشعر بالحرارة, لا بالفراح و لا بالحزن.
حبات المطر تلتصق على وجهها, جبهتها, وواحدة اخرى دخلت عينها دون استأذان, شعرها بات مبللا كليا بالماء, استحمت بالمطر, وظلت ايضا صامتة.
خيم الليل على المكان, بقيت واقفة هناك, دون طعام أو شراب, قضت نهارها و جاء الليل, لم تدرك الوقت جيدا.
لم تنسى اثار الضجيج, صراخ, رفع يده محولا ان يلكمها على وجهها الصغير, كيف له أن يجرأ, عرفت خطأها, تنازلت له كثيرا, دفعها الحب الى قبول اشياء كانت بالنسبة لها تتعدا الخطوط الحمراء , ولكنها بررت ذلك بمبدأ العشق, أن تعشق يعني ان تقدم ما تستطيعه لاجل الاخر, هكذا كانت تقول لنفسها.
كان يكلمها بلهجة الامر دوما,ة افعلي و لا تفعلي, يمنعها من ممارسة هويتها المفضلة, جيتارها, وصديقاتها.و اليوم لما رفع يده عاليا, أحست نفسها هي, منعته بقوة, لن تضربني طالما لا زال لدي بقية من كرامة, قالتها في وجهه صارخة.حملت جيثارها كان هذا ما تملكه, وبقية من كرامتها و رحلت دون ان تنظر خلفها.

الخميس، 7 مايو 2009

اشتياق عند الغروب

اشعرته انها تحبه جدا ذلك المساء
قالت له: اشتاق لك جدا عند الغياب
اصبح يشكل جزءا لا يتجزأ من حياتها
و هي أيضا يصعب عليها ان تتنفس دونه الهواء
لهما على التلة المجاورة بيت صغير يتسع لأحلام كبيرة بقدر البحر
حيث يلتقيا بعيدا عن ضجة المدينة و فضول الغرباء
تحمل جيتارها و يحمل أوراقه و يمضيان
تعزف , يغني, يحتدان تارة في النقاش و يتفقان تارة
يخطر ببالها ان تقوم بجولة تكتشف من خلالها الجبل و الوادي المحاذي
لا يرفض لها أي طلب على الاطلاق
يوافقها حتى على الجنون
تشبهه حد الخوف
تقول ما يريد قوله
تفعل ما يفكر به
هو بطبعه لا يحب الكلام
لا يفصح عما يجول في خاطره
هي تختلف قليلا
تصرح دوما بما تفكر
تصرخ في وجهه اذا ما كانت غاضبة
تخاصمه احيانا اذا اقتضى الامر
تحرمه من جيثارها الندي
يحبها لدرجة الموت
فالموت من الحب قضية تستحق الاحترام
هذا ما يردده على مسامعها لما يعترف لها
لا يستطيع مخاصمتها لانه يخاصم نفسه وقتها
تختبأمنه أحيانا
يعرف اين يجدها
و يظل صامتا يشكر الله على هدية من السماء
ينظر اليها طوال الوقت
يتخيلها زمبقة
أو ساحرة هربت من ألف ليلة و ليلة
وهي تتراقص كالنحلات
لا تهدأ ابدا
لا تراها تجلس ثانيتين متتاليتيتن في مكان
قد تتعب وتنام على ركبتيه كطفل أهلكه لعبه طوال النهار
ويظل صامتا
محتضنا أياها بين الحقيقة و الحلم

الجمعة، 1 مايو 2009

سأغير عنوان بيتك الذي أعرفه

ذات مساء,
فتحت دفاتري و بحثت لك عن عنوان كنت أعرفه
تذكرت باب المنزل, الحديقة الخارجية
أزهار من كل الالوان كنت تحرص على ريها بنفسك
زهرة نرجس هنا و اخرى هناك
و أقحوانة على شباك غرفتك
لا اعرف لم خصصتها لنفسك
لا ادري ان كنت بهذا انانيا
لم أطرق الباب
المفتاح كان معلقا في الخارج
و مع هذا وذاك دخلت
تذكرت باب المنزل, الغرف
غرفة الجلوس, المدخل
طائر و حوض سمك يزينان المكان
الاول بصوته و الآخر بألوانه الخلابة التي تبعث على الحياة
البيت فارغ الا من روح
عبثا بحثت عنك في الارجاء
لا ملابس, لا أوراق, لا دفاتر
لا أقلام ملونة و لا حتى كتابا كنت به تفتخر دوما
صورة لي ممزقة على كرسي قرب الباب
وكلمات كنت قد كتبتها لك بخط يدي محترقة
تركت كل ما لي ورائك
و أخذت كل ما يخصك
حملت أوراقي على عجل
طائرك وحوض السمك أصبحا من الآن ملكا لي
رحلت دون أن أعرف للرحيل من وجهة
وعدت لدفاتري, أتدري عن ماذا بحثت وماذا غيرت؟
عنوانك الذي أعرف, غيرت
صار مكانا لا اعرفه
غيرت عنوان بيتك الذي أعرفه