الأربعاء، 29 أبريل 2009

عالم من صداقة وهمية

قد يرسم المرء لنفسه عالما مثاليا يعيش فيه
و قد يصادق اناسا من كل الاجناس و الالوان
و في رحلة البحث هذه يريد العثور على ما هو أجمل من كل هذا
صديق وفي و مخلص
صادق بمعنى الصدق
ووفي بمعنى الوفاء لصداقة قد تكون افتراضية
ولكننا قد نجده غالبا عند الحاجة
نفكر به فنجده الى جانبنا دوما
نبتسم لمجرد فكرة مروره من هنا او من هناك
لتركه اثرا على صفحة في كتاب
لانه يقرأنا دون أن ندري
يبتهج لنجاحنا, و يكون اليد الخفية التي تدعمنا
لا يريد شيئا منا
و لا نريد شيء منه الا ما يستطيع فعله
قد نبحث طويلا عن هذا الصديق
قد نجده احيانا
قد نتشابه الى حد الخوف
و قد تتحول العلاقات الى نوع من الصداقة الحميمية لا اكثر من ذلك و لا أقل
و قد يختفي ذاك الصديق الصدوق بأرادته من حياتنا
و قد تفشل كل محاولاتنا لتفسير ما حدث
نجد رسالة بخط اليد مكتوبة
و قد لا نجد, و لكننا نشعر بانه غادر بغير رجعة
تختفي اثاره يوما بعد يوم
و نتعود نحن الفكرة
و يبقى السؤال يؤرقنا و نظل نتساءل عن الاسباب
هل قرر الهجرة الى عالم مخادع يرتاح به اكثر
قد يجد نفسه بمن يكذب عليه
قد يكون ليس هو الذي عرفناه
قد يكون آخر مل من تمثيل دور البراءة و الطفولة و قول كل ما يخطر على باله دون تفكير
كن عزيزي صديقا و فيا اذا طرق احدهم بابك
و خصوصا ان قرأت في عينيه نوعا من الصدق
لا تخف, مسافات تفصلك عن عالمه الحقيقي
ولكنني فكرت و تمحصت
و عدت للفكرة الاولى التي منها هربت
قد يفرق الحب بين الاصدقاء
هل يفعل؟
هل تتحول العلاقة الى نوع اخر من العلاقات
و هل ننحدر الى القاع دون ان ندري
و بهذا نعاقب انفسنا
فننسا صديقا عرفناه منذ حين
لم تكن مدة قصيرة
و لكن القناعة بفكرة الصداقة هذه موجودة لدي و ليست لدى غيري
لست ادري ما أقول
قد يكون هذا هذيان متعبة في ساعات المساء لا تدري بم تنمنم
اريد ان اقول
و لكن الكلمات تظل عالقة هناك
لا ادري كيف استدرجها للخروج
احتاج الى خدعة و دهاء لاقنع كلماتي بالخروج
و اقنع يدي لتخط بما تفكر
و لكن المحاولات لا تنفع
تماما كمحاولات تفسير ما حدث لصديق عرفته ايضا قبل حين
انتهت النمنمة المسائية دون ان اقول شيئا
و لكنني قلت الكثير دون أن أقول

السبت، 18 أبريل 2009

من هو الغريب؟

اليوم السابع

من هو الغريب؟
السبت، 18 أبريل 2009 - 10:52

أسماء صباح تكتب:


كان طفلاً بريئاً يومها, غادر أرض الوطن على متن طائرة الغربة, وصل بلاداً لم يعرف سماها, اشتم هواءً غريباً عن رئتيه, أناس أغراب فى كل مكان, لم يعرف إن كان هو الغريب بينهم.
بلاد أشجارها باسقة, أزهارها كثيرة, أخضرها غير الأخضر الذى اعتاده, بلاد طعامها مختلف, بهاراتها بين الحار والحار الكثير, رائحة الناس غريبة, لا تشبه رائحة الأهل والأحباب.
وصل غرفته بالفندق الصغير, جلس على السرير, فتح حقيبة السفر, كان يفتش بقلبه عن شىء يعيده إلى ماضيه, الماضى المقترن بالبارحة, أخرج ألبوماً غنائياً, صارت فيروز تشدو ( وطنى يا جبل الغيم الأزرق), سرح بالكلمات ومعها, تمنى ساعتها كما تقول فيروز أن يكون حجراً, أو سوسنة ملتصقة بالأرض, متعلقة بها
.أفكار غريبة صارت تراوده وأسئلة لم يتمكن من الإجابة عليها, فكر بأنه لم يحب وطنه يوماً, عندما كان الوطن مادة على ترابه يسير.
كان غريباً فى وطن ولد وترعرع فيه, قال فى نفسه لماذا يكون الوطن عادياً جداً عندما نسكنه، كله مشاكل وألم وأحلام تقف دوماً فى مهب الريح وغالبا ما تذهب معها؟ ويصبح حلماً بعد حين.عندما نغادر سماء الوطن نحنّ إليها, نتخيل النجمات, والقمر هلالاً و بدراً فى السماء الصيفية الجميلة, عندما نغادر تراب الوطن نحنّ لرائحته, للون التراب, نحنّ إلى زهرة كانت تقيم فى حديقتنا مذ كنا صغاراً, نرعاها, نراها تكبر وتكبر.
عن الوطن نذكر تفاصيل صغيرة ما كانت تعنى لنا شيئاً, نشتاق لصديق قديم كنا نحتسى معه الشاى وقت المطر, إلى جانب المدفأة, نراقب حبات المطر التى تتساقط لتكمل سيمفونية يعزفها المذياع, الموسيقى تغلف المكان, والبرد يشعرنا بحيوية وأمل.
وأنا تساءلت, بين هذا وذاك, إذا ما كان الوطن فكرة، وإذا ما كانت الغربة فكرة، وإذا ما كان الحب مثلهما، هل الغربة مقترنة بترك الوطن والاستقرار خارجه؟ هل تأتى الغربة من داخلنا؟ هل نصنعها بأنفسنا؟

الاثنين، 13 أبريل 2009

فنجان قهوة صباحي

استيقظت فى الساعة السابعة صباحاً, بدأت يومها متعكرة المزاج حائرة, ليلة الأمس لم تنم جيداً, أو لم تنم كما ينبغى, بدلت ملابسها بسرعة, شربت فنجان قهوتها على عجل, علها تصحو من كابوس ليلة مضت.وصلت العمل متأخرة نصف ساعة, كان يتوجب عليها أن تمر بمديرها الذى لا تطيق النظر إلى وجهه, أسمعها بعض الكلمات التى تبغضها, انطلقت للعمل, جلست أمام الحاسوب, كان عليها إنجاز الكثير من العمل المتراكم منذ يومين, فمؤخراً لم تكن تشعر بشعور جيد, وكانت تترك العمل لليوم الذى يليه, وهكذا ازداد حنق المدير عليها, حتى أنه فى النهاية حذرها من عواقب غضبه عليها, وهددها بخصم شىء من راتبها الشهرى.اتصل مدير القسم بينما كان رأسها مندساً بين أكوام الورق المتناثر فى كل مكان على المكتب, أوراق هنا وكتب هناك, أقلام هنا وفنجان قهوة هناك, مقصات وأقلام رصاص ولاصق شفاف, أجابت على الهاتف رغماً عنها, وأى خبر نقل لها؟موظف جديد تم تعينه فى القسم إلى جانب مكتبها, وأنه ما زال من غير هاتف, طلب منها أن تخبره أنه يريد أن يراه من أجل عمل ما, سحبت كرسيها بتوتر شديد و تمتمت: هذا ما كان ينقصنى, أنادى هذا من أجل ذاك, أريد أن أعرف ما طبيعة وظيفتى فى هذه المؤسسة اللعينة.......مشت بخطوات متثاقلة, وصلت إلى المكتب المجاور, شعرت بأنها مشت منذ مدة طويلة, تعبت, وقفت أمام مكتبه, كان يبدو شاباً, صغير السن, طفلاً لم ينضج مطلقاً, ساذجاً لا يعرف الكثير عن العمل والناس, نظرت إليه من أعلى إلى أسفل, وجهت له سؤالاً دون مقدمات: هل أنت الموظف الجديد؟ وكأنها لا تدرى.- نعم.- سمعت أنك لم تحصل على هاتف بعد, مدير القسم يريدك حالاً.- شكراً, ساذهب حالاً.لم تجبه بكلمة واحدة, خرجت من مكتبه متعالية مختالة, وعادت إلى حيث كانت, تحاول ترتيب ما كان متناثراً, جلست تصنف الأشياء, كتباً أجنبية, كتباً عربية, مجلات, أقراصاً مضغوطة, صوراً لتشى جيفارا لا تدرى من أين حصلت عليها, تمثالاً صغيراً لحنضلة كتب تحته بالرصاص ناجى العلى, هذه أقلام حبر ألمانية ملونة, أهدتها لها صديقة جاءت لزيارتها من ألمانيا فى الأسبوع الفائت, سماعة الحاسوب ما زالت تصدح بصوت فيروز, قديش كان فى ناس على المفرق تنطر ناس وتشتى الدنى ويحملو شمسية وأنا بأيام الصحو ما حدا نطرنى.اقتحم الموظف الجديد عليها خلوتها بكل ما لها بمكتبها, كانت ضائعة بين كل هذا, قال: المدير يريدنى أن أتدرب لديك, أن تطلعينى على كل شىء, حتى أستطيع العمل ومساعدتك.رفعت رأسها من على مكتبها, قالت: لماذا تفترض أننى بحاجة إلى مساعدة, ومنك أنت؟- أنا لا افترض, أراك بحاجة لمن يساعدك, ألا ترين حالتك وحالة المكتب, كل شىء متناثر كقطرات الندى على أوراق الأشجار فى الصباح الباكر.- وتستعمل تشبيهات لتقنعنى أيضاً؟!- لست هنا لأقنعك, لو سمحت من أين سنبدأ؟- سنبدأ من مكتبك الذى ما زال دون هاتف, لو سمحت اتركنى أكمل ما بدأت به ولا تقلق راحتى, مزاجى متعكر منذ الصباح.- كل ما أريده هو مساعدتك, اسمحى لى, لن أتحدث ولو بكلمة, حتى لا يزداد تعكر المزاج لديك, وإذا أردت, اصنع لك فنجان قهوة.- حسنا, اجعلهما اثنين.- سأعد القهوة، بينما تحاولين وضع النقاط على الحروف فيما يخص ملفاتك المتناثرة.- هل عليك تذكيرى كل لحظة أن مكتبى بحاجة إلى ترتيب من نوع ما؟- لا عليك، سأكمل عملى صامتاً.- أفضل لك.أخذ يصنع فنجان القهوة, وأخذ يراقبها, كانت منفعلة جداً, غاضبة إلى أبعد الحدود, لم يرى فتاة بهذا المزاج المتعكر يوماً.انتهى من قهوتها, قدمها صامتاً, و شربت دون أن تنطق حرفاً واحداً, بدت مرتاحة بعض الشىء, تنفست بهدوء, أخدت تجول المكان بعينيها: أنجزت القليل وما زال أمامى يوم كامل من العمل.ابتهج بسماع أول الكلمات بعد صمت طويل, تشجع: سأبقى معك حتى تنتهى من كل هذا.احمرت وجنتها, اعتذرت عن سوء معاملتها له, وابتسمت, عملا بجهد حتى ساعات المساء, ظلا صامتين يراقب أحدهما الآخر, ابتسمت عندما عاد مكتبها إلى حالة الاستقرار من جديد, قالت: شكراً لقد تعدل مكتبى و مزاجى.شعر بالرضا عن نفسه, أخذ معطفه عائداً إلى المنزل, وهى نامت ليلة هادئة دون كابوس يذكر.

السبت، 11 أبريل 2009

يوم اصحا على صوت الحقيقة


بستنى بشي يوم اصحا على صوت الحقيقة
لاقي كل الناس تغيرت وصار الصدق طريقة
صار الكزاب يقول عن حالو بكل صراحة
انا يا عالم بكزب و اللي مو عاجبو لعمرو
و الرقاصة تقول انا طالعة بها اليل و مو راجعة
و اللي بسكر عشان يهرب من هالعالم يقول بتمنى الرحمة
و اللي ما معو فلس و كان بصرف على صحابو فنطزة يقول انا ما عاد معي نجلة
و اللي كان يضرب مرتو لترضا امو يقول انا بحترم هالمرة
و التعبان من مشاكل عيلتو يقول انا حاجة ما فيي ضل بعد هالخناقة
امتا رح يصير كل هاد حقيقة
يمكن رح انطر كتير و بفكر احيانا انو ما في نتيجة
بس رح يجي يوم و ما نكزب على اللي بنحبهم و بنضل نعاندهم
لما نخسرهم رح نقول يا ريتنا قلنالهم
لو ما خبانا عنهم ما كنا خسرناهم
لو حضناهم و خبرناهم باننا ما كنا بننام لولا بنسمع اصواتهم
لو خبرناهم انهم كانو جزء من احلامنا و كوابيسنا و كل ليلة كنا بنشوفهم
لو قعدت على حضن ستي و خبرتها قبل ما ترحل رحلتها الاخيرة اني رح اشتقلها
لو قلتلها اني بكيتها بالليل بسبب مرضها
لو حملت ابن الجيران بالوقت اللي امو ترجتني اساعدها و كنت ما بحبو
بس ما جاملتها و قلتلها انا ما فيي احملو
بكفيني الكتب اللي على ضهري حاملها
لو انا برجع لورا شوي كنت بعملها
بحضن ستي و بوسها
و بحمل ابن الجارة و بجبر خاطرها
و بقول للي بحبو لا تروح خليك ليلتها
و ما بكزب على امي أبدا و بقلها اني بحبها
و لابي بقلو شكرا على اشيا عشاني عملها
و اشيا ضحا فيها عشان انا ما بحبها
لستي بقول انا اسفة على كل تانية تركتك فيها لوحدك غريبة
لصديقتي ما تحزني لانك رح تلاقيني جمبك بالغربة
رح كل يوم احكيكي و خبرك شوصار ما صار و كل يوم خبرية
للي ضل ينطرني تحت الشباك بالليل لنام رح قول شكرا و اهدي احلى هدية
و للغيمة اللي حملتلي مطر من بلاد بعيدة
و للشمس اللي وصلتلي شعاع و صلني بكير على الصبحية
و للبحر اللي تحملني و تحمل اسراري الكبيرة
بقول انتو اصدقاء عمري و بحملكم امانة
خلو سري بيناتكم و لا تخبرو حبيبي
و لو سالكم قولولو راحت و صارت بعيدة
تركتلك امانة فوق الخزانة
هناك في صندوق ستي اللي كانت سعيدة
تركتلو مسبحة و سجادة وقصيدة
وانا سلمت الامانة و بكرا بشوفو بالجنة
رح اتركلو كمان ذكرى فريدة
دفتر و كتاب و شوية اماني
كنت بحملهم بقلبي قبل ولود القصيدة الاخيرة
من هون انطلقت لرحلتي الاخيرة
و ما بعرف ازا الرجعة قريبة

السبت، 4 أبريل 2009

قتلت نفسها مرتين

إستيقظت على وقع كابوس ليلة الأمس, بكت, ولولت, لطمت وجهها لطمات متلاحقة, شدت شعرها بعنف شديد, تمنت ان تقتل نفسها ساعتها, تساءلت كيف قدمت نفسها هدية له على طبق من فضة؟ كيف جعلته يدنس جسدها الصغير الطاهر؟
عادت للوراء قليلا, تذكرت كلاما معسولا قاله لها, و هدايا منه وصلتها, لماذا لم تشك يوما في نواياه؟ تساءلت. هل كانت ساذجة طوال الوقت؟ كيف استغل طيبتها و براءتها ليسرق منها كرامتها في ليل دامس الظلامة؟
لم تنهض من سريروحدتها, من اليوم أو من الامس بالأحرى تغيرت حياتها, لم تعد تلك الطفلة المحبوبة و المدللة, لم تعد هي هي, تلك الجالسة على سريرها فتاة لا تعرفها, لم تكن يوما هكذا, أرادت حلا, نهضت, أمام المرآة وقفت, صرخت في وجه تلك المحدقة اليها بإمعان: ألا يكفيني وطنا أضعت؟ و اليوم كرامتي سحقت, جسدي لوثت, ألا يكفي.
حملت علبة دواء من خزانة الادوية, علبة ثانية و ثالثة, كأس ماء, رفعت يديها للسماء, ربي سامحني على ما فعلت و ما سافعل, سامحني على كل شيء, على خطايا كنت قد اقترفت و على كرامة خسرت, و على حياة سأنهي الان و بالامس كنت قد أنهيت.
تجرعت حبوب الدواء, استرخت مكانها على سرير موتها, بكت, أغرقت بالدموع وسادتها, تمتمت قبل النفس الاخير بثوان معدودة: قتلت نفسي مرتين.
جاء صباح جديد, تسللت الشمس من نافذة غرفتها, هي متقولبة كقطعة خشبية, متشنجة الاعضاء, حركت قدمها اليمنى, فاليسرى, يدها اليمنى فالاخرى, فتحت عيناها, تحسست جسدها, كانت هي, عادت للحياة, تنهدت, ضحكت مثل مجنونة وجدت نفسها في بلاد العجائب, شكرت الله, فقد كان مجرد كابوس كاد يقتلها.
لم تخسر كرامتها, لم تمت مرتين, باقية كزهرة جبلية تحمل عطرا خصص لها دون الزهرات.

الخميس، 2 أبريل 2009

بين عالمين (فراشات و نملات)

لحياة العزلة معنى آخر
غير الخوف و الوحدة و الذكرى
لحياة العزلة معنى آخر
تتفكر بالسما
تبحر في عالم الرب
قد تذهب بعيدا
و قد تظل قريبا
و لكنك ستصبح فيلسوفا
تسرح بالنملات
كيف يا ترى يعملن ؟
كيف يعشن ؟
و باي لغة يتحدثن ؟
ما الذي يشغل بالهن؟
كيف يبدو من الداخل بيتهن ؟
و لماذا لا يتذمرن؟
لماذا لا يتعبن؟
و بالفراشات أفكر
كيف يبدأ نهارهن؟
متى ينتهي و بيدأ عملهن؟
هل يعشقن و يعشقن؟
هل يتواعدن مع أحباء غرباء خارج مملكتهن؟
لمن يتحدثن و يبحن بأسرارهن؟
أي زهرة يفضلن؟
و لماذا يفضلنها هي بالذات؟
هل لي أن اصبح صديقة وفية لهن؟
في صغري بنيت بيتا للنملات
كنت أجلس أراقبهن
داخلات خارجات
يحملن من الحبوب ما لذ وطاب
رائع عالم النمل
رائع عالم الفراش
و عالم الإنسان بين بين
أود أن أكون فراشة
نملة
أريد أن أعيش بينهن لأعرف !!!!!!!!!!!!

وطن يمتلكنا و نمتلكه



اليوم السابع

أسماء صباح تكتب:
بين الأمس واليوم.. وطن يمتلكنا ونمتلكه
الخميس، 2 أبريل 2009 - 10:58


بالأمس كان هنا واليوم ما عاد, أذكر كل ما قال عن المطر, أذكر حبه للشتاء, للسعات البرد التى تذكره بوطن عابر, كما سرير عابر, نقاط المطر والغيوم كانت تشغل باله, كان يشرح لى كل يوم دورة حياة "قطورة" كما يحلو له أن يسميها, تأتى الغيمة من بلاد بعيدة, تحمل معها أخوات لها, قطورة التى تسلقت مع الشمس لتصل السماء ولتتحد مع أخواتها عائدة إلى الأرض، حيث تجد نفسها تتغندر فوق أحجار الوادى السحيق.يرفع يديه للسماء ويطلب المطر, ناظرة إلى بحر عينيه الذى يحمل غموضا عظيما, تمتاز عيناه بالعمق والغرابة كما البحر, أطمئن له وأحكى أسرارا ما كنت لأبوح بها لأحد قبله, يضحك من كل ما يسمع, وإذا ما حاولت الكذب تهرب منى عيناه بعيدا, يتأمل السماء فأعرف أنه بات يعرفنى جيدا وأتذكر بأن الكذب ممنوع فى حضرته.يصفنى بالجنون تارة وبالذكاء تارة أخرى, قلت ترى ما الذى يجمعنا غير الأدب وكتاب عرفناه, قرأناه وقرأنا, أجابنى: الجنون, قلت: جنونى وحكمتك؟ قال: لا حكمتك وجنونى وجنونك وحكمتى وأحلام ووطن مسلوب, وأم باتت تنادينا صباح مساء, وقبلة تركتها على حافة البئر وحيدة, قبلة تركتها أمى لى كميراث أحمله، حيث أذهب, ولكننى نسيتها فى لحظة هجوم الغزاة. قلت: أين تسكن؟ أجاب: أسكن وطنا سكننى منذ الفراق, عالما بين الحلم والواقع, أعيش حيث أشاء, تتسلل روحى فى الليل رغم الظلام إلى مكان لطالما حرمنى منه ضوء النهار, تجلب لى تحيات من أرض لم تهجرنا يوما ولم نهجرها.هل تؤمن حقا بأنك عائد؟ كأن سؤالا فاجئه, قال: لم أغادر يوما لأعود, الوطن كبر معى وكبرت معه والعودة شىء مسلم به, ما أجهله هو التوقيت الزمنى لهذه العودة. تعلق بأرض تعلقت به, ظل طوال عمره يتنفس هواها, باتت الحلم الذى تحقق ولم يتحقق, بين الشوق والشوق والعشق للسماء التى تحمل لونا آخر, لسماء الوطن لون آخر ختم كلامه. وأنا بت أعرف أننى أملك ما لا يملكه غيرى, كثيرون من لا يملكون وطنا وكثيرون من يمتلكهم الوطن وأنا أمتلك وطنا ويمتلكنى, همست بينى وبين نفسى يا لسعادتى بوطنى ويا لسعادته بى.