دردشة في العشق

عن الاحباط بدأ الحوار, تعذرت بأنني لم أنم ليلتها سهرت لوقت متأخر, تكلمت مع قريب بعيد احبني دون مقدمات ، هكذا، , ليلة طالت بمحاولته اقناعي بمواصلة الحب بطريقة ما, , اتفقنا على التفكير مليا بالامرلاحقا , وانا التي اردد عبارة ان من يحب الاخر اكثر يقنعه بحبه .

من حواري الجميل بمواصلة الحب, خاصمت صديقا عرفته من زمن, قبل أن يصبح ما كان ، ودعته وداعي الاخير وانطلقت للنوم, وله مني احتراما لصداقة زمن غير الزمانز
صحوت بمزاج ليس صافيا متعكرا ،حائرة ، تعبة من آثار سهر مرهق, حزينة على ما عرفته وما لم اعرفه.
تحدثت عبر شاشتي معه ، لم يكن ذاك وحده سببا لاحباطي ، فأنا مزاجية الهوى, افرح احيانا بلا سبب و احبط ايضا بلا سبب , يبدو أن لبرج الحمل تأثير كبير علي, لكني قد اخرج فورا من حالة لاخرى طبعا اعتمادا على الاطار العام.
انتقل بحواره قائلا لي ، محاولا ان يتفهم حالة الاحباط لدي ، بأن للأنسان ان يتحكم بنفسه وحتى بمزاجه ، و اجبت اعرف و أكملت كلامه بأن كل شي بقرار، فالاحباط بقرار و السعادة بقرار, ولم لا, قد اصحو غدا وأقرر بان اكون سعيدة, وقد أقرر بان اكون محبطة وهما سيان وقد يتحققان, فلماذا لا اسعى للسعادة منذ البداية؟
تبادلنا اطراف الكلام لساعات طوال, شعاره كان 'كلام مقابل كلام' , اتحدث عن احباطي ويتحدث باسبابه وما ينتج منه ، على الاقل هذا ما فهمته منه, أوضح تعبيره الاول بالقول بان الكلام مع الانسان في احسن حالاته واسوءها يساعدنا على فهم الاخر, فهو كتلة غامضة من المشاعر, كتلة غريبة معقدة ولكنها تبقى رائعة في كل الاحوال.
استغرب هو ان اشعر بأحباط برغم ثقافتي العالية التي احملها واحساس بعيد ' لك خيالا يخرجك من كل العالم الذي تعيشين به, فأنت شخص قد يخلق عالما بعيدا عن كل ما يحيط بك', ابتهجت وقلت في نفسي لماذا لا استخدم هذه التقنية طالما املك خيالا قد يحلق في الفضا, اتفقنا ( أنا ونفسي أن نجرب الخروج من عالم الى اخر هربا من الواقع).
شرحت ما في نفسي ' بأن الإحباط لدي يتشكل بلا استئذان، رؤية طالب جامعي يلقي بكأس القهوة كان يشربها في الحرم الجامعي ليأتي بعدها رجل كبير في السن و يلتقطها, أنظر الى عيني هذا وعيني ذاك, لا افهم كيف يجرأ على هذه الفعلة, ليس جاهلا وليس غبيا وليس وليس وما زلت لا أفهم.
هروبا من البداية المحبطة ، وبحثا عن مجال رحب آخر ، تحدثنا عن ذاك الشاي الذي كانت تعده جدتي وجدته, تغلي الماء مع السكر ثم تضيف الشاي وبعض حبات من الهيل تفتحها بأسنانها لتمتزج جيدا مع الشاي تعطيه طعما ورائحة خاصة مميزة نحسها نشتاق لها نتكاسل يوميا في صناعتها رغم شوقنا لها، قلت: تذوقت شاي جدتي ولكنني لم ادرك ابدا طريقة الوصفة السحرية هذه.
هل أحببت احدهم الى درجة العشق الشديد؟ سؤال من وراء الكواليس إصطدم بأذني.. قد أكون تفأجأت من سؤال جاء دون اي مقدمات,عبر حفلة الشاي المطعم بالهيل, سؤالا عن العشق, ممممممممممم, ترددت, فكرت, هل حقا حصل يوما أن عشقت بجنون؟
انتظر قليلا, أجبت: تمنيت رغبت، ولكنه لم يأت لي , وبلحظة بررت ذلك بسطحية جيل اعيش معه, تعلمت معه وما زلت اخالطه، يرهقني بما لديه من صفات تزيد حاجز ' الغربة' بداخلي وحولي .. المعرفة نعمة احيانا و نقمة احيانا اخرى, قال هذه الكلمات واتبعها وفقا لسمة المجتمع طبعا, فاذا تحدثنا عن مجتمع عربي لا يحب القراءة وان لجأ لها فكثيروهم يرونها تمضية لوقت انتظارا .. أو استجابة لشئ آخر غير ما هي ضرورة، فأننا وانت بالذات ستواجهين مشكلة ومعضلة حقيقية إذا ما اردت التواصل.. تنهدت ولا اعرف اذا ما كنت ندمت على رغبة عارمة اجتاحت طفولتي وشبابي لفتح افاق جديدة وجدتها مع كتاب وجريدة ولغة...
حدثني عن نفسه ، عن عشق عاشه, أحب كثيرا لكنه لم يعشق الا نادرا ، لحظتها تخيلته ، جسما خفيفا طائرا في الهواء ، روحه فرحة محلقة, لا يشعر بالجوع ابدا, لا يذكر واجباته, ينسى طريق المنزل اذا ما رأي من يحب, ينتهي به المطاف مستيقظا طوال الليل, عرف أنه في حالة عشق ..وهذا ما لم احسه .. اشعر به اعيشه ، لا زلت ابحث عنه .
مجددا كان ' حديث العشق' بعيدا عن جيلي الذي اعيش معه وسطحيته وسذاجته أحيانا ، أو لم يثر أهتمامك من يكبرك سنا؟ استاذ في الجامعة مثلا؟ الاساتذة في الجامعات أحيانا أكثر سطجية من طلابهم ، أجبت بسرعة كمن توقعت السؤال، ضعيفو الثقافة كثيروهم يتعقد أن شهادته ، حتى وان كانت منذ الف عام كافية تحصنه تمنحه ما لغيره ، متناسين انهم يبثون ويكررون كالببغاوات ما حفظوه منذ عام الخلق الاول للأرض(مبالغة غاضبة) ، ولكن حبذا لو كان الاستاذ مثقفا... فربما فتح لاحساس انثى بعشق لا زال تائها في زمن به كل شئ .. لكنه نادرا ما يحمل نكهة كتلك التي كانت يوم أن كان جدتي وجدته تصنع الشاي بحب الهيل..
'اشعر ان العالم خلق لي ولها
ولا غيرنا
نحذف كل ما حولنا
لنعش ساعة او ما يمكننا سرقته خارج اطار المسموح'....
تلك كانت كلماته الأخيرة عبر شاشتي..