الجمعة، 22 مايو 2009

أقحوانة برية

عادت الى بلادها بعد غياب..ايامها الاولى كانت صعبة.. ولكنها ما لبثت أن تعودت الفكرة..تعودت الماء والهواء وطريقة الكلام وتغيير النظام..
فراش جديد وصباحات غير تلك التي ولدت عليها.. شعرت بأنها غابت الف عام.. ألفت الشوارع والمقاهي والمكتبات.. أصبح لها حياة جديدة.. لم تستبدلها بذكرى واحدة من ذكريات ماضيها.. لم يكن ماضيا غاية في الروعة ..لم يكن مثاليا.. كان ماض يشبه كل ماض.. ذكريات مؤلمة.. وأخرى جميلة مفرحة..
تذكر يوم وفاة أمها.. بكت كثيرا يومها.. كأن الزمن توقف لحظتها.. يوم لفظت أمها النفس الاخير.. تشنج جسدها الصغير.. انفجرت عيناها بكاءا.. انهمرت دموعها عاقدة صلحا على اسفل ذقنها.. لم تستطع التوقف.. سخية كمياه نهر جار.. أحيانا تشعر بأنها لم تستفق من ذاك الكابوس بعد..امها كانت صديقة.. رفيقة.. صدر حنون..أقحوانة برية..
تستغرب لماذا أطلقت على والدتها هذا اللقب.. كانت في عمر الثالثة عشرة وقتها.. تتذكر.. حينما تسلقتا الجبل البعيد.. ذات صيف.. جلست بجانب زهرة حمراء جذابة.. أخذت تداعب الزهرة بيدي طفلة.. لم تقطفها.. سألتها والدتها.. الا تريدين الاحتفاظ بها.. قالت: هي أجمل هنا.. تزين هذه القمة.. لن أقتلها..
هذه أقحوانة برية .. تضيف الام.. تقلب الطفلة الاسم في دماغها.. تقول لماذا؟.. تجيب الام لانها تنمو في البراري وقت الربيع.. هل تحبين هذا النوع من الزهر؟ تسأل الطفلة.. الام: نعم ومن لا يحبها.. تقول: أنت أقحوانتي.. لا مثيل لك.. أم وأخت وأب وأخ وأقحوانة أيضا....
وانتي عصفوري الصغير..افرح إذا ما غرد.. أفرح إذا ما طار بعيدا وصار يلوح لي في الافق..تجيب الام..

هناك تعليق واحد: